التحديات والفرص

تعيش قطر حالياً فترة من الرخاء الاقتصادي المتميز. كما أنها تنعم بالاستقرار السياسي وتحسّن متسارع في مستويات المعيشة وتعزيز الاستثمار في البنية التحتيّة. وفي الوقت نفسه، تستمر قطر بتطبيق مبادرات مهمة سوف تضمن نموّها المستمر ودورها في المجتمع الدولي.

ومن خلال رؤية قطر الوطنيّة 2030 واستراتيجيّة التنمية الوطنيّة 2011-2016، وضعت قطر نصب أعينها أهدافاً طموحة تدعم الركائز الأربع في الرؤية الوطنيّة وهي التنمية البشرية والتنمية الاجتماعيّة والتنمية الاقتصاديّة والتنمية البيئيّة. 


طرأت تعديلات جوهريّة على إطار العمل التنظيمي العالمي خلال السنوات الأخيرة. فقد دفعت الأزمة الماليّة العالميّة بالجهات المسؤولة عن وضع المعايير الماليّة العالميّة إلى إدخال تعديلات جوهريّة على المعايير الدوليّة ومن هذه الجهات لجنة بازل المعنيّة بالإشراف على المصارف والهيئة الدوليّة للمشرفين على التأمين (IAIS) والمنظمة الدوليّة لهيئات سوق المال (IOSCO).

وتهدف الإصلاحات من بين أمور أخرى إلى تعزيز معايير كفاية رأس المال وإدارة السيولة والحوكمة. وجرى التركيز بدرجةٍ أساسيّة على تطوير مقاربة مبنيّة على المخاطر من أجل تنظيم المؤسسات الماليّة والأسواق الماليّة والبنية التحتيّة الماليّة. وشددت الهيئات التنظيميّة بدرجةٍ متنامية على التعاون التنظيمي وتبادل المعلومات وسعت إلى تحديد المؤسسات الماليّة ذات الأهمية النظامية وإلى تطوير آليّات حلول منتظمة . 

إذا أرادت قطر أن تحقق ازدهاراً اقتصاديّاً مستداماً، فمن المهم بالنسبة إليها أن تبني اقتصاداً تنافسيّاً متنوعاً ولا يكتفي بالاعتماد على قطاع الهيدروكاربون. وتحقيقاً لهذه الغاية، حددت قطر مجموعة إصلاحات سوف تُشكِّل جزءاً من إستراتيجيّة التنمية الوطنيّة 2011 - 2016. تهدف هذه الإصلاحات إلى اتخاذ قرارات ذات أهميّة وطنيّة تندرج ضمن إطار عمل متكامل ومنسَّق.



وتشمل هذه الأهداف ترشيد دور الوزارات والهيئات الحكوميّة ووظائفها بطريقة ترمي إلى تحسين المساءلة والتخطيط وتقديم الخدمات. ويُبدي كلّ من مصرف قطر المركزي وهيئة قطر للأسواق الماليّة وهيئة تنظيم مركز قطر للمال التزاماً حيال دعم الإستراتيجيّة عن طريق تطبيق إطار عمل تنظيمي فعال وسليم ينمّي قدرات ومرونة القطاع المالي.

بصورة عامة، لا بدّ من قيام قطاع مالي مهم من أجل دعم جهود الحكومة الرامية إلى استحداث فرص عمل والتشجيع على الاستثمار في بيئة متنوّعة بحيث لا تكون الأجيال المقبلة عرضةً لتقلبات أسعار قطاع الطاقة. ولا يجب الانتقاص من أهميّة الريادة والابتكار في تحقيق هذا الهدف بما يُساعد على الخروج بمبادرات في عدد من المجالات. 

شهد القطاع التنظيمي في قطر تطوّراً ملفتاً وتوسّعاً كبيرا خلال العقد المنصرم. فقد تأسست هيئة قطر للأسواق الماليّة عام 2005 كهيئة تنظيميّة مستقلّة تُعنى بالإشراف على المؤسسات المصرّح لها بممارسة نشاطات ماليّة في داخل قطر أو من خلالها وهي تحظى بصلاحيّة ممارسة الإشراف التنظيمي والتنفيذ على أسواق رأس المال. 

تأسس مركز قطر للمال عام 2005 من أجل تشجيع المؤسسات الماليّة الدولية والمستثمرين المحليين على الاستثمار في القطاع المالي. ترافقت هذه المبادرة مع قيام هيئة تنظيم مركز قطر للمال بوضع نظام رقابي يعمل وفق أفضل الممارسات الدوليّة.

أنشئ مصرف قطر المركزي في العام 1993حيث أوكلت إليه مسؤوليات مؤسسة النقد القطري، وأصبح بالتالي الجهة التنظيمية العليا للبنوك والمؤسسات المالية في قطر.

أسّس مصرف قطر المركزي عام 2011 مركز قطر للمعلومات الائتمانيّة بهدف جمع المعلومات الائتمانية وحفظها ومشاركتها مع البنوك والمؤسسات الماليّة لمساعدتها على إجراء التقييم الائتماني وتقييم الجدارة الائتمانية. 

وبهدف تعزيز التعاون والتناغم بين الجهات الرقابية، فقد تم تعيين سعادة محافظ مصرف قطر المركزي، الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني، رئيساً لمجلس إدارة كل من هيئة تنظيم مركز قطر للمال وهيئة قطر للأسواق المالية في العام 2012.

بهدف تدعيم إطار العمل التنظيمي في قطر وتعزيزه، ألغي قانونان أساسيان في العام 2012 واستبدلا بقانونين آخرين. فقد ألغي قانون مصرف قطر المركزي رقم (33) لعام 2006 وقانون هيئة قطر للأسواق الماليّة رقم (33) لعام 2005 واستبدلا بقانون مصرف قطر المركزي رقم (13) لسنة 2012 وقانون هيئة قطر للأسواق الماليّة رقم (8) لسنة 2012 على التوالي. وعلى أثر إصدار هذين القانونين، عمل كلّ من مصرف قطر المركزي وهيئة قطر للأسواق الماليّة وهيئة تنظيم مركز قطر للمال معاً بطريقة منسّقة ومتعاضدة من أجل التوفيق بين سياسات القطاع المالي القطري وبنيته التحتيّة والمعايير الدوليّة وأفضل الممارسات. 

 

وبموجب قانون مصرف قطر المركزي الجديد أصبح المصرف في موقع الهيئة الاشرافية العليا المختصة، في إطار رؤية قطر الوطنيّة 2030، وتُناط به مسؤوليّة تصميم وتطبيق السياسات المتصلة بتنظيم الخدمات الماليّة والأسواق الماليّة في قطر والرقابة والإشراف عليها. هذا وقد استحدث قانون مصرف قطر المركزي أحكاماً محددة على صلةٍ بالترخيص والإشراف على أعمال التأمين وحماية المستهلك واحترام خصوصيّة العميل وحماية المعلومات الائتمانيّة وتنظيم المؤسسات الماليّة الإسلاميّة واندماج واستحواذ المؤسسات الماليّة وتسوية النزاعات والعقوبات المفروضة على الأشخاص الذين يُمارسون نشاطات ماليّة من دون الحصول على التراخيص ذات الصلة.

ويمنح قانون هيئة قطر للأسواق الماليّة الهيئة مسؤوليّات وواجبات أوسع نطاقاً في الإشراف على الأسواق الماليّة في دولة قطر ومراقبتها. ترتكز هذه المسؤوليّات والواجبات على ركائز أربع هي:

  1. حماية المستثمرين

  2. أسواق ماليّة منصفة وفاعلة

  3. الشفافية والمهنية والفعاليّة ناهيك عن الوعي ونزاهة الأسواق

  4. منع المعلومات المضللة والسلوك الغامض الذي يؤثِّر على
    المنتجات والخدمات الماليّة.


يُسلِّط قانون مصرف قطر المركزي الضوء على إطار العمل الاحترازي الكلّي في قطر عن طريق إنشاء لجنة الاستقرار المالي ورقابة المخاطر. يترأس اللجنة سعادة محافظ مصرف قطر المركزي وهي تضم في عضويتها سعادة نائب المحافظ (نائب الرئيس) والرئيسين التنفيذيين في كل من هيئة قطر للأسواق الماليّة وهيئة تنظيم مركز قطر للمال.

وعملاً بأحكام المادة 116 من قانون مصرف قطر المركزي، تتولّى اللجنة المسؤوليّات التالية: 1. تحديد وتقييم المخاطر التي يتعرض لها القطاع والأسواق المالية واقتراح الحلول لإدارة وتخفيف هذه المخاطر؛ 2. تنسيق العمل بين الجهات الرقابيّة في الدولة؛ 3. اقتراح السياسات المتعلّقة بالتنظيم والرقابة والإشراف المتصلة بالأعمال والأسواق الماليّة. 

تهدف توصيات لجنة الاستقرار المالي ورقابة المخاطر إلى تعزيز الاستقرار المالي والحدّ من التداخل بين الجهات الرقابية. ويفترض ذلك أن تقوم الجهات الرقابية بالتوفيق بين السياسات والإجراءات بطريقة تتماشى مع الاختصاص القانوني وأفضل الممارسات الدوليّة ناهيك عن معالجة الثغرات التنظيميّة في تنظيم القطاع المالي.  

***

وعلى ضوء رؤية قطر الوطنيّة 2030 وأهداف التنظيم المالي الواضحة الواردة في أطر العمل التشريعيّة، عمل مصرف قطر المركزي وهيئة قطر للأسواق الماليّة وهيئة تنظيم مركز قطر للمال على وضع رؤية مشتركة تهدف إلى تعزيز تنظيم القطاع المالي في قطر. ولقد رصدت هذه الجهات عدداً من الأهداف الأساسيّة والتي تعتبر أساسيّة في تعزيز المرونة والفعاليّة في المؤسسات الماليّة والأسواق الماليّة في قطر. وفي خلال السنوات المقبلة، سوف تقوم هذه الهيئات بوضع خطّة عمل وتخصيص الموارد الضروريّة لتحقيق هذه الأهداف. 

وسوف ترد الأهداف الأساسيّة ونقاط العمل في الملحق الخاص بالاستراتيجية.